المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي: التكوين المسرحي في المغرب

يجسد المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي (ISADAC) في الرباط، المغرب، مؤسسة أكاديمية تكرّس جهودها لتكوين الأطر المحترفة في مجالات الفنون المسرحية، فنون العرض، والتنشيط الثقافي. منذ تأسيسه عام 1985 بموجب المرسوم رقم 2.83.706، وتحت إشراف وزارة الثقافة، أصبح المعهد ركيزة أساسية في بناء المشهد الثقافي المغربي، مساهمًا في إعداد جيل من الفنانين والمبدعين القادرين على العمل في المسرح، السينما، التلفزيون، والمؤسسات الثقافية. يهدف المعهد إلى تعزيز الهوية الثقافية المغربية، مع الانفتاح على المكتسبات العالمية في الفنون والتقنيات، مما يجعله مركزًا متكاملًا للتكوين، البحث، والإبداع.

التأسيس والرؤية الثقافية

تأسس المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بهدف ملء الفراغ في التكوين الفني الاحترافي بالمغرب، مع التركيز على إعداد أطر مؤهلة للعمل في المجالات المسرحية والثقافية. يستند المعهد إلى رؤية ثقافية تجمع بين الجذور الحضارية المغربية والمعارف العالمية، بهدف خلق توازن بين الحفاظ على التراث المحلي ومواكبة التطورات الفنية الحديثة. يسعى المعهد إلى تمكين خريجيه من المساهمة في إثراء الحياة الثقافية، سواء من خلال إنتاج الأعمال المسرحية، تنظيم المهرجانات الثقافية، أو إدارة المؤسسات الثقافية.

منذ افتتاحه الرسمي عام 1987، لعب المعهد دورًا محوريًا في دعم المسرح المغربي، الذي كان يعاني من نقص في التكوين الأكاديمي المنظم. وقد أسهم في تخريج مئات الفنانين الذين تركوا بصماتهم في المشهد الفني المحلي والعربي، مما جعل المعهد رمزًا للتميز الأكاديمي والإبداعي.

الهيكلة الأكاديمية ونظام التكوين

يمتد التكوين في المعهد على مدى أربع سنوات، مقسمة إلى سلكين رئيسيين، يهدفان إلى تزويد الطلبة بالمعارف النظرية والمهارات العملية اللازمة للنجاح في المجال الفني:

1. السلك الأول (السنتان الأولى والثانية)

2. السلك الثاني (السنتان الثالثة والرابعة)

يُتوج التكوين بمنح دبلوم المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بدرجة الإجازة المهنية، التي تُمكّن الخريجين من متابعة دراسات عليا أو الانخراط في سوق العمل. يُشرف على التكوين نخبة من الأساتذة المغاربة والأجانب، بالإضافة إلى فنانين محترفين يُقدمون ورشات عمل متخصصة.

يمكنكم الاطلاع أيضا على مهرجان سيني بلاج في دورته السادسة.

المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي : التخصصات ومسالك التكوين

يقدم المعهد ثلاثة تخصصات رئيسية، تتفرع إلى مسالك دقيقة تلبي احتياجات السوق الفني والثقافي:

1. التشخيص

يُركز هذا التخصص على تكوين الممثلين والمخرجين، مع مسالك فرعية تشمل:

2. السينوغرافيا

يتناول هذا التخصص الجوانب التقنية والفنية لتصميم العروض المسرحية، ويشمل:

3. التنشيط الثقافي

يُركز على إعداد وسطاء ثقافيين قادرين على:

تُدعم هذه التخصصات بورشات عمل، حلقات دراسية، ومحاضرات يقدمها خبراء في المجال، مما يتيح للطلبة فرصة التفاعل مع الممارسات الفنية الاحترافية.

المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي : شروط الالتحاق ومباراة الدخول

وحسب المعطيات التي اطلعت عليها مجلة ثقافات الالكترونية، يفتح المعهد أبوابه سنويًا للطلبة الراغبين في الالتحاق به من خلال مباراة تنافسية صارمة، تشمل الشروط التالية:

تُعلن تفاصيل المباراة ومواعيدها عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الثقافة (www.minculture.gov.ma) أو الموقع الرسمي للمعهد (www.isadac.ma). تُعد هذه المباراة فرصة لاختيار أفضل المواهب، مع التركيز على الإبداع، الانضباط، والالتزام.

المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي : البحث والتجريب الفني

يتميز المعهد بإحداث معمل للتجريب والبحث الفني، يُعتبر فضاءً للإبداع والابتكار. يهدف هذا المعمل إلى:

يُشجع المعهد الطلبة على المشاركة في هذه الأبحاث، مما يعزز قدراتهم على التفكير النقدي والإبداعي. كما يُخطط المعهد لإحداث سلك ثالث (ماستر ودكتوراه) لدعم البحث الأكاديمي في الفنون المسرحية، مما سيُعزز مكانته كمركز للدراسات العليا في المنطقة.

العلاقات الدولية والشراكات

يحتفظ المعهد بعلاقات وثيقة مع مؤسسات تكوين مسرحي دولية مرموقة، مثل:

تتيح هذه الشراكات تبادل الخبرات بين الأساتذة والطلبة، تنظيم ورشات عمل مشتركة، واستضافة فنانين أجانب. كما تُسهم في تطوير المناهج الدراسية، وتمكين الطلبة من الاطلاع على أحدث الاتجاهات في الفنون المسرحية العالمية.

إعادة الهيكلة والإصلاحات الأخيرة

في فبراير 2025، صادق مجلس الحكومة المغربية على مشروع مرسوم لإعادة تنظيم المعهد، بهدف مواءمته مع النظام الجامعي الجديد (الإجازة، الماستر، الدكتوراه). يشمل هذا الإصلاح:

تُعد هذه الإصلاحات خطوة استراتيجية لتعزيز مكانة المعهد كمؤسسة تعليم عالي متكاملة، قادرة على المنافسة إقليميًا ودوليًا.

الإسهامات الثقافية والمجتمعية

منذ تأسيسه، ساهم المعهد في تطوير المسرح المغربي، الذي شهد نهضة ملحوظة في العقود الأخيرة. من أبرز إسهاماته:

كما يلعب المعهد دورًا مجتمعيًا من خلال تنظيم عروض مسرحية مجانية، ورشات للأطفال والشباب، وبرامج ثقافية في المناطق النائية، مما يُعزز الوصول إلى الفنون في مختلف شرائح المجتمع.

المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي : التحديات وآفاق المستقبل

رغم إنجازاته، يواجه المعهد تحديات عديدة، منها:

ومع ذلك، تظل آفاق المعهد واعدة، خاصة مع:

يُمثل المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي نموذجًا فريدًا للتكوين الفني في المغرب، حيث يجمع بين الجذور الثقافية المحلية والطموح العالمي. من خلال برامجه الشاملة، أساتذته المتميزين، وشراكاته الدولية، يواصل المعهد دوره كمحرك للإبداع والتنمية الثقافية. مع الإصلاحات الأخيرة وخطط التطوير المستقبلية، يبدو المعهد في طريقه ليصبح مركزًا إقليميًا للفنون المسرحية، يُسهم في بناء جيل جديد من المبدعين يحملون راية الفن المغربي إلى العالمية.

Exit mobile version