تستعد مدينة العرائش الساحلية، الواقعة على ضفاف المحيط الأطلسي، لاستضافة النسخة الرابعة من مهرجان البحر 2025، وهو حدث ثقافي وعلمي بارز يهدف إلى إبراز أهمية التراث البحري المغربي وتعزيز الوعي بضرورة حماية المعالم التاريخية الساحلية. يمثل المهرجان منصة فريدة لتسليط الضوء على الإرث الحضاري للمدينة ودورها التاريخي كملتقى للحضارات.
مهرجان البحر 2025: برنامج علمي غني يجمع نخبة من الخبراء
يتميز المهرجان هذا العام ببرنامج علمي متنوع يضم خمس محاضرات رئيسية يقدمها نخبة من الأكاديميين والخبراء في مجالات التراث البحري والتاريخ الساحلي. ويهدف البرنامج إلى مناقشة القضايا المتعلقة بتثمين التراث البحري وتأهيل المعالم التاريخية كفضاءات ثقافية وسياحية.
المحاضرة الافتتاحية: الإطار القانوني والتقني لتأهيل المعالم
تفتتح الندوة العلمية بمحاضرة بعنوان “الضوابط القانونية والتقنية لرد الاعتبار للمعالم التاريخية التراثية وتأهيلها كفضاءات للعرض”. يقدمها الأستاذ الدكتور رشيد البوندي، رئيس اللجنة المعرفية للمجلس الدولي للمتاحف (إيكوم المغرب)، وأستاذ جامعي بكلية التخصصات المتعددة بتازة، تتناول المحاضرة التحديات القانونية والتقنية المرتبطة بإعادة تأهيل المواقع التراثية لتصبح فضاءات عرض متحفية تعكس القيمة التاريخية والثقافية.
حصن الفتح السعدي: رحلة عبر التاريخ
في المحاضرة الثانية، يقدم الأستاذ الدكتور إدريس شهبون، أستاذ محاضر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ورئيس مؤسسة التراث والتنمية، عرضاً بعنوان “معطيات تاريخية عن حصن الفتح السعدي”. يسلط العرض الضوء على الأهمية التاريخية لحصن الفتح السعدي، أحد أبرز المعالم الأثرية في العرائش، ودوره في تجسيد العمارة العسكرية المغربية خلال العهد السعدي.
مهرجان البحر 2025: المدن الساحلية كفضاءات لتثمين التراث
تركز المحاضرة الثالثة على “أهمية احتضان المدن الساحلية لفضاءات تثمين التراث الثقافي البحري”. يقدمها الأستاذ الدكتور سعيد الحجي، أستاذ جامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمارتيل ورئيس مؤسسة ذاكرة جبالة. تناقش المحاضرة كيفية استثمار المدن الساحلية كمراكز ثقافية تسهم في الحفاظ على التراث البحري وتعزيز السياحة الثقافية.
مشروع متحفي طموح
تتناول المحاضرة الرابعة “عرض حول المشروع المتحفي لترميم وتهيئة حصن الفتح السعدي”. تقدمها مهندسة مسؤولة عن مكتب الدراسات والتتبع الخاص بالمشروع، حيث ستعرض تفاصيل المشروع الطموح الذي يهدف إلى تحويل الحصن إلى فضاء متحفي يعكس أهميته التاريخية ويجذب الزوار من داخل المغرب وخارجه.
دور وزارة الثقافة في دعم التراث
تختتم الندوة بمحاضرة بعنوان “نماذج من دور وزارة الثقافة المغربية في دعم مشاريع إعادة الاستثمار في البيانات التاريخية كفضاءات للعرض المتحفي وتأهيل التراث”. يقدمها الأستاذ العربي المصباحي، المدير الإقليمي للثقافة بتطوان وخريج المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث. تسلط المحاضرة الضوء على جهود الوزارة في دعم المشاريع الثقافية التي تعيد إحياء المواقع التاريخية.
تتولى تنسيق الندوة الأستاذة هيام المحبي، المتخصصة في تقنيات وآليات التواصل، والمستشارة المكلفة بإستراتيجية التواصل والعلاقات العامة بمؤسسة القصبة للنهوض بالتراث الثقافي للمدينة العتيقة. كما أنها عضو منتسب في المجلس العالمي للمعالم والمواقع (إيكوموس المغرب). وتسهم خبرتها في ضمان تنظيم فعال وسلس يعكس الرؤية الاستراتيجية للمهرجان.
العرائش: مدينة التاريخ والتراث البحري
تتمتع العرائش بموقع استراتيجي على الساحل الأطلسي، مما جعلها محطة حضارية مهمة عبر العصور. تحتضن المدينة تراثاً ثقافياً غنياً يمزج بين التأثيرات الأندلسية، المورسكية، البرتغالية والإسبانية. ويبرز حصن الفتح السعدي كرمز للعمارة العسكرية المغربية، بينما تضم المدينة العتيقة شوارع ومبانٍ تحتفظ بطابعها التاريخي الأصيل. كما تطل قصبة العرائش على نهر لوكوس، مضيفةً بعداً جمالياً وتاريخياً يعزز مكانة المدينة كوجهة سياحية.
إلى جانب ذلك، تزخر العرائش بالعديد من المساجد، الزوايا، والرياضات التراثية التي تحكي قصصاً عن حضارة امتدت لقرون. ويمثل مهرجان البحر 2025 فرصة ذهبية لإبراز هذا الإرث الغني، وتعزيز مكانة العرائش كمركز ثقافي وسياحي يجمع بين التاريخ العريق وجمال الطبيعة الساحلية.
يمكنكم الاطلاع أيضا على الصياغة الفضية في تيزنيت كتراث ثقافي
مهرجان البحر 2025 وتعزيز التنمية المحلية
و أبرز السيد شكيب الأنجري عن مؤسسة القصبة للنهوض بالتراث الثقافي للمدينة العتيقة بمدينة العرائش في تصريح صحفي أن مهرجان البحر 2025 يعد أكثر من مجرد حدث ثقافي، فهو منصة لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث البحري وتطوير رؤية استراتيجية لاستثمار المعالم التاريخية كفضاءات ثقافية وسياحية. يهدف المهرجان إلى دعم التنمية المحلية والوطنية من خلال جذب الزوار والسياح، وتعزيز الاقتصاد المحلي عبر الترويج للعرائش كوجهة سياحية ثقافية متميزة.
من خلال هذا الحدث، تؤكد العرائش مكانتها كمدينة رائدة في الحفاظ على التراث البحري المغربي، وتساهم في صياغة مستقبل مستدام يجمع بين الحفاظ على الهوية الثقافية وتعزيز التنمية الاقتصادية.